احتراقها إلى حال إعادتها فناءها، وفي فنائها راحتها. قالوا: وقد أخبرنا الله تعالى ذكره عنها أنهم لا يموتون ولا يخفف عنهم من عذابها. قالوا: وجلود الكفار أحد أجزاء أجسامهم، ولو جاز أن يحترق منها شئ فيفنى ثم يعاد بعد الفناء في النار، جاز ذلك في جميع أجزائها، وإذا جاز ذلك وجب أن يكون جائزا عليهم الفناء ثم الإعادة والموت ثم الاحياء، وقد أخبر الله عنهم أنهم لا يموتون. قالوا: وفي خبره عنهم أنهم لا يموتون دليل واضح أنه لا يموت شئ من أجزاء أجسامهم، والجلود أحد تلك الأجزاء.
وأما معنى قوله: * (ليذوقوا العذاب) * فإنه يقول: فعلنا ذلك بهم ليجدوا ألم العذاب وكربه وشدته بما كانوا في الدنيا يكذبون آيات الله ويجحدونها.
القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الله كان عزيزا حكيما) *.
يقول: إن الله لم يزل عزيزا في انتقامه ممن انتقم منه من خلقه، لا يقدر على الامتناع منه أحد أراده بضر، ولا الانتصار منه أحد أحل به عقوبة، حكيما في تدبيره وقضائه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا) *..
يعني بقوله جل ثناؤه: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) *: والذين آمنوا بالله ورسوله محمد (ص)، وصدقوا بما أنزل الله على محمد مصدقا لما معهم من يهود بني إسرائيل وسائر الأمم غيرهم. * (وعملوا الصالحات) * يقول: وأدوا ما أمرهم الله به من فرائضه، واجتنبوا ما حرم الله عليهم من معاصيه، وذلك هو الصالح من أعمالهم. * (سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار) * يقول: سوف يدخلهم الله يوم القيامة جنات، يعني: بساتين * (تجري من تحتها الأنهار) * يقول: تجري من تحت تلك الجنات الأنهار.
* (خالدين فيها أبدا) * يقول: باقين فيها أبدا بغير نهاية ولا انقطاع، دائم ذلك لهم فيها أبدا.
* (لهم فيها أزواج) * يقول: لهم في تلك الجنات التي وصف صفتها * (أزواج مطهرة) * يعني:
بريئات من الأدناس والريب الحيض والغائط والبول والحبل والبصاق، وسائر ما يكون في نساء أهل الدنيا.