وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: * (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) * قال: الطلاق يغني الله كلا من سعته.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: ولله ملك جميع ما حوته السماوات السبع والأرضون السبع من الأشياء كلها. وإنما ذكر جل ثناؤه بعقب ذلك قوله: * (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) * تنبيها منه خلقه على موضع الرغبة عند فراق أحدهم زوجته، ليفزعوا إليه عند الجزع من الحاجة والفاقة والوحشة بفراق سكنه وزوجته، وتذكيرا منه له أنه الذي له الأشياء كلها وأن من كان له ملك جميع الأشياء فغير متعذر عليه أن يغنيه، وكل ذي فاقة وحاجة، ويؤنس كل ذي وحشة. ثم رجع جل ثناؤه إلى عذل من سعي في أمر بني أبيرق وتوبيخهم ووعيد من فعل ما فعل المرتد منهم، فقال: * (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم) * يقول: ولقد أمرنا أهل الكتاب وهم أهل التوراة والإنجيل وإياكم، يقول: وأمرناكم وقلنا لكم ولهم: * (اتقوا الله) * يقول: احذروا أن تعصوه وتخالفوا أمره ونهيه، * (وإن تكفروا) * يقول: وإن تجحدوا وصيته إياكم أيها المؤمنون فتخالفوها، * (فإن لله ما في السماوات وما في الأرض) * يقول: فإنكم لا تضرون بخلافكم وصيته غير أنفسكم، ولا تعدون في كفركم ذلك أن تكونوا أمثال اليهود والنصارى في نزول عقوبته بكم وحلول غضبه عليكم كما حل بهم، إذ بدلوا عهده ونقضوا ميثاقه، فغير بهم ما كانوا فيه من خفض العيش وأمن الشرب، وجعل منهم القردة والخنازير، وذلك أن له ملك جميع ما حوته السماوات والأرض لا يمتنع عليه شئ أراده بجميعه وبشئ منه من إعزاز من أراد إعزازه وإذلال من