بالله من الذنوب لمن يشاء، يعني بذلك جل ثناؤه: أن طعمة لولا أنه أشرك بالله ومات على شركه لكان في مشيئة الله على ما سلف من خيانته ومعصيته، وكان إلى الله أمره في عذابه والعفو عنه. وكذلك حكم كل من اجترم جرما، فإلى الله أمره، إلا أن يكون جرمه شركا بالله وكفرا، فإنه ممن حتم عليه أنه من أهل النار إذا مات على شركه، فإذا مات على شركه، فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار.
وقال السدي في ذلك بما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * يقول: من يجتنب الكبائر من المسلمين.
وأما قوله: * (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) * فإنه يعني: ومن يجعل لله في عبادته شريكا، فقد ذهب عن طريق الحق، وزال عن قصد السبيل ذهابا بعيدا وزوالا شديدا. وذلك أنه باشراكه بالله في عبادته، فقد أطاع الشيطان وسلك طريقه وترك طاعة الله ومنهاج دينه، فذاك هو الضلال البعيد والخسران المبين. القول في تأويل قوله تعالى: * (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) *..
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلا اللات والعزى ومناة، فسماهن الله إناثا بتسمية المشركين إياهن بتسمية الإناث. ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن أبي مالك في قوله: * (إن يدعون من دونه إلا إناثا) * قال: اللات والعزى ومناة، كلها مؤنث.
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك بنحوه، إلا أنه قال: كلهن مؤنث.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط عن السدي: * (إن يدعون من دونه إلا إناثا) * يقول: يسمونهم إناثا: لات، ومناة، وعزى.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (إن