حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن أبي رزين، مثله.
قال أبو جعفر: وهذا القول شبيه المعنى بالذي قلناه، وذلك أن التأليف هو التسوية والتغيير عما هو به وتحويله عن معناه إلى غيره.
وقد قيل: عني بقوله، * (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله) *: الرهط الذين مشوا إلى رسول الله (ص) في مسألة المدافعة عن بني أبيرق والجدال عنه على ما ذكرنا قبل فيما مضى عن ابن عباس وغيره. * (وكان الله بما يعملون محيطا) * يعني جل ثناؤه: وكان الله بما يعمل هؤلاء المستخفون من الناس فيما أوتوا من جرمهم حياء منهم من تبييتهم ما لا يرضى من القول وغيره من أفعالهم محيطا محصيا، لا يخفى عليه شئ منه، حافظا لذلك عليهم، حتى يجازيهم عليه جزاءهم. القول في تأويل قوله تعالى: * (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا) * ها أنتم الذين جادلتم يا معشر من جادل عن بني أبيرق في الحياة الدنيا. والهاء والميم في قوله: * (عنهم) * من ذكر الخائنين. * (فمن يجادل الله عنهم) * يقول: فمن ذا يخاصم الله عنهم يوم القيامة:
أي يوم يقوم الناس من قبورهم لمحشرهم، فيدافع عنهم ما الله فاعل بهم، ومعاقبهم به.
وإنما يعني بذلك أنكم أيها المدافعون عن هؤلاء الخائنين أنفسهم، وإن دافعتم عنهم في عاجل الدنيا، فإنهم سيصيرون في آجل الآخرة إلى من لا يدافع عنهم عنده أحد فيما يحل بهم من أليم العذاب ونكال العقاب. وأما قوله: * (أمن يكون عليهم وكيلا) * فإنه يعني: ومن ذا الذي يكون على هؤلاء الخائنين وكيلا يوم القيامة: أي ومن يتوكل لهم في خصومة ربهم عنهم يوم القيامة. وقد بينا معنى الوكالة فيما مضى، وأنها القيام بأمر من توكل له. القول في تأويل قوله تعالى: *