(إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) *.
قد دللنا فيما مضى قبل على معنى خداع المنافق ربه ووجه خداع الله إياهم، بما أغني عن إعادته في هذا الموضع، مع اختلاف المختلفين في ذلك.
فتأويل ذلك: إن المنافقين يخادعون الله باحرازهم بنفاقهم دماءهم وأموالهم، والله خادعهم بما حكم فيهم من منع دمائهم بما أظهروا بألسنتهم من الايمان، مع علمه بباطن ضمائرهم، واعتقادهم الكفر، استدراجا منه لهم في الدنيا حتى يلقوه في الآخرة، فيوردهم بما استبطنوا من الكفر نار جهنم. كما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) * قال: يعطيهم يوم القيامة نورا يمشون به مع المسلمين كما كانوا معهم في الدنيا، ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه، فيقومون في ظلمتهم ويضرب بينهم بالسور.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: * (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) * قال: نزلت في عبد الله بن أبي، وأبي عامر بن النعمان، وفي المنافقين، يخادعون الله وهو خادعهم، قال: مثل قوله في البقرة: * (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم) *. قال: وأما قوله: * (وهو خادعهم) * فيقول: في النور الذي يعطي المنافقون مع المؤمنين، فيعطون النور، فإذا بلغوا السور سلب، وما ذكرا لله من قوله: * (انظرونا نقتبس من نوركم) * قال: قوله: * (وهو خادعهم) *.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحسن، أنه كان إذا قرأ: * (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) * قال: يلقى على كل مؤمن ومنافق نور يمشون به، حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين، ومضي المؤمنين بنورهم، فينادونهم: * (انظرونا نقتبس من نوركم) *... إلى قوله: * (ولكنكم فتنتم أنفسكم) * قال الحسن: فتلك خديعة الله إياهم.