وصدودهم عنك من النفاق والزيغ، وإن حلفوا بالله ما أردنا إلا إحسانا وتوفيقا، * (فأعرض عنهم وعظهم) * يقول: فدعهم فلا تعاقبهم في أبدانهم وأجسامهم، ولكن عظهم بتخويفك إياهم بأس الله أن يحل بهم، وعقوبته أن تنزل بدارهم، وحذرهم من مكروه ما هم عليه من الشك في أمر الله وأمر رسوله. * (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) * يقول: مرهم باتقاء الله والتصديق به وبرسوله ووعده ووعيده. القول في تأويل قوله تعالى: * (وما أرسلنا من رسول ألا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: لم نرسل يا محمد رسولا إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه، يقول تعالى ذكره: فأنت يا محمد من الرسل الذين فرضت طاعتهم على من أرسلته إليه. وإنما هذا من الله توبيخ للمحتكمين من المنافقين الذين كانوا يزعمون أنهم يؤمنون بما أنزل إلى النبي (ص) فيما اختصموا فيه إلى الطاغوت، صدودا عن رسول الله (ص). يقول لهم تعالى ذكره: ما أرسلت رسولا إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه، فمحمد (ص) من أولئك الرسل، فمن ترك طاعته والرضا بحكمه واحتكم إلى الطاغوت، فقد خالف أمري وضيع فرضي. ثم أخبر جل ثناؤه أن من أطاع رسله، فإنما يطيعهم بإذنه، يعني بتقديره ذلك وقضائه السابق في علمه ومشيئته. كما:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، في قول الله: * (إلا ليطاع بإذن الله) * واجب لهم أن يطيعه من شاء الله، ولا يطيعهم أحد إلا بإذن الله.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.