قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: * (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * يقول: بما أنزل عليك وأراكه في كتابه. ونزلت هذه الآية في رجل من الأنصار استودع درعا فجحد صاحبها، فخونه رجال من أصحاب نبي الله (ص)، فغضب له قومه، وأتوا نبي الله (ص)، وقالوا: خونوا صاحبنا وهو أمين مسلم، فاعذره يا نبي الله وازجر عنه! فقام نبي الله فعذره وكذب عنه وهو يرى أنه برئ وأنه مكذوب عليه، فأنزل الله بيان ذلك فقال: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله) *... إلى قوله: * (أم من يكون عليهم وكيلا) * فبين الله خيانته. فلحق بالمشركين من أهل مكة، وارتد عن الاسلام، فنزل فيه: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) * إلى قوله: وساءت مصيرا) *.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بما دل عليه ظاهر الآية قول من قال: كانت خيانته التي وصفه الله بها في هذه الآية جحوده ما أودع، لان ذلك هو المعروف من معاني الخيانات في كلام العرب، وتوجيه تأويل القرآن إلى الأشهر من معاني كلام العرب ما وجد إليه سبيل أولى من غيره. القول في تأويل قوله تعالى: * (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: * (ولا تجادل) * يا محمد فتخاصم * (عن الذين يختانون أنفسهم) * يعني: يخونون أنفسهم، يجعلونها خونة بخيانتهم ما خانوا من أموال من خانوه ماله وهم بنو أبيرق، يقول: لا تخاصم عنهم من يطالبهم بحقوقهم، وما خانوه فيه من أموالهم. * (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) * يقول: إن الله لا يحب من كان من صفته خيانة الناس في أموالهم، وركوب الاثم في ذلك وغيره، مما حرمه الله عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وقد تقدم ذكر الرواية عنهم.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: * (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) * قال: اختان رجل عما له درعا، فقذف بها يهوديا كان يغشاهم، فجادل عم الرجل قومه، فكان النبي (ص) عذره، ثم لحق بأرض الشرك، فنزلت فيه: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) *... الآية. القول في تأويل قوله تعالى: *