القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الله كان عفوا غفورا) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لم يزل عفوا عن ذنوب عباده وتركه العقوبة على كثير منها ما لم يشركوا به، كما عفا عنكم أيها المؤمنون عن قيامكم إلى الصلاة التي فرضها عليكم في مساجدكم وأنتم سكارى. * (غفورا) * يقول: فلم يزل يستر عليهم ذنوبهم بتركه معاجلتهم العذاب على خطاياهم، كما ستر عليكم أيها المؤمنون بتركه معاجلتكم على صلاتكم في مساجدكم سكارى. يقول: فلا تعودوا لمثلها فينا لكم بعودكم لما قد نهيتكم عنه من ذلك منكلة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل ئ والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا) *..
اختلف أهل التأويل في معنى قوله جل ثناؤه: * (ألم تر إلى الذين) * فقال قوم: معناه:
ألم تخبر. وقال آخرون: معناه: ألم تعلم. والصواب من القول في ذلك: ألم تر بقلبك يا محمد علما إلى الذين أوتوا نصيبا. وذلك أن الخبر والعلم لا يجليان رؤية، ولكنه رؤية القلب بالعلم لذلك كما قلنا فيه.
وأما تأويل قوله: * (إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * فإنه يعني: إلى الذين أعطوا حظا من كتاب الله، فعلموه. وذكر أن الله عنى بذلك طائفة من اليهود الذين كانوا حوالي مهاجر رسول الله (ص). ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل) * فهم أعداء الله اليهود، اشتروا الضلالة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * إلى قوله: * (يحرفون الكلم عن مواضعه) * قال: نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب اليهودي.