يعبدون إناثا ويدعونها آلهة وأربابا. والإناث من كل شئ أخسه، فهم يقرون للخسيس من الأشياء بالعبودية على علم منهم بخساسته، ويمتنعون من إخلاص العبودية للذي له ملك كل شئ وبيده الخلق والامر.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) *: وما يدعو هؤلاء الذين يدعون هذه الأوثان الإناث من دون الله بدعائهم إياها إلا شيطانا مريدا، يعني متمردا على الله في خلافه فيما أمره به وفيما نهاه عنه. كما:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) * قال: تمرد على معاصي الله. القول في تأويل قوله تعالى: * (لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (لعنه الله) *: أخزاه وأقصاه وأبعده. ومعنى الكلام: وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قد لعنه الله وأبعده من كل خير. وقال: * (لاتخذن) * يعني بذلك أن الشيطان المريد قال لربه إذ لعنه: * (لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) * يعني بالمفروض:
المعلوم، كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك: * (نصيبا مفروضا) * قال: معلوما.
فإن قال قائل: وكيف يتخذ الشيطان من عباد الله نصيبا مفروضا؟ قيل: يتخذ منهم ذلك النصيب باغوائه إياهم عن قصد السبيل، ودعائه إياهم إلى طاعته، وتزيينه لهم الضلال والكفر، حتى يزيلهم عن منهج الطريق، فمن أجاب دعاءه واتبع ما زينه له، فهو من نصيبه المعلوم وحظه المقسوم. وإنما أخبر جل ثناؤه في هذه الآية بما أخبر به عن الشيطان من قيله: * (لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) * ليعلم الذين شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى أنهم من نصيب الشيطان الذي لعنه الله المفروض، وأنه ممن صدق عليهم ظنه. وقد دللنا على معنى اللعنة فيما مضى، فكرهنا إعادته. القول في تأويل قوله تعالى: * (ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام ولآمرنهم