أرجع رجعت، وإن فرقت تفرقنا. وتخبره بأمرها إن كانت تريد نفقة أو كرهت شيئا من الأشياء، وتأمره أن يرفع ذلك عنها وترجع، أو تخبره أنها لا تريد الطلاق. ويبعث الرجل حكما من أهله يوليه أمره، ويخبره يقول له حاجته إن كان يريدها، أو لا يريد أن يطلقها، أعطاها ما سألت وزادها في النفقة، وإلا قال له: خذ لي منها مالها علي وطلقها! فيوليه أمره، فإن شاء طلق، وإن شاء أمسك. ثم يجتمع الحكمان فيخبر كل واحد منهما ما يريد لصاحبه، ويجهد كل واحد منهما ما يريد لصاحبه، فإن اتفق الحكمان على شئ فهو جائز، إن طلقا وإن أمسكا، فهو قول الله: * (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) *، فإن بعثت المرأة حكما وأبي الرجل أن يبعث، فإنه لا يقربها حتى يبعث حكما.
وقال آخرون: إن الذي يبعث الحكمين هو السلطان، غير أنه إنما يبعثهما ليعرفا الظالم من المظلوم منهما، ليحملهما على الواجب لكل واحد منهما قبل صاحبه لا التفريق بينهما. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، وهو قول قتادة، إنهما قالا: إنما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظالم بظلمه، وأما الفرقة فليست في أيديهما، ولم يملكا ذلك، يعني: * (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) *.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) *... الآية، إنما يبعث الحكمان ليصلحا، فإن أعياهما أن يصلحا شهدا على الظالم وليس بأيديهما فرقة، ولا يملكان ذلك.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن قيس بن سعد، قال: سألت عن الحكمين، قال: ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، فما حكم الحكمان من شئ فهو جائز، يقول الله تبارك وتعالى: * (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) * قال: يخلو حكم الرجل بالزوج، وحكم المرأة بالمرأة، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: اصدقني ما في نفسك! فإذا صدق كل واحد منهما صاحبه اجتمع الحكمان وأخذ كل واحد منهما على صاحبه ميثاقا لتصدقني الذي قال لك صاحبك، ولا صدقنك الذي قال لي صاحبي! فذاك حين أرادا الاصلاح يوفق الله بينهما، فإذا فعلا ذلك