فإن ظن ظان أن القاتل إن وجب أن يكون داخلا في هذه الآية، فقد يجب أن يكون المشرك داخلا فيه، لان الشرك من الذنوب، فإن الله عز ذكره قد أخبر أنه غير غافر الشرك لاحد بقوله: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * والقتل دون الشرك. القول في تأويل قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (يا أيها الذين آمنوا) *: يا أيها الذين صدقوا الله صدقوا رسوله، فيما جاءهم به من عند ربهم، * (إذا ضربتم في سبيل الله) * يقول: إذا سرتم مسيرا لله في جهاد أعدائكم * (فتبينوا) * يقول: فتأنوا في قتل من أشكل عليكم أمره، فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره، ولا تعجلوا فتقتلوا من التبس عليكم أمره، ولا تتقدموا على قتل أحد إلا على قتل من علمتموه يقينا حربا لكم ولله ولرسوله. * (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) * يقول: ولا تقولوا لمن استسلم لكم فلم يقاتلكم، مظهرا لكم أنه من أهل ملتكم ودعوتكم، * (لست مؤمنا) * فتقتلوه ابتغاء عرض الحياة الدنيا، يقول: طلب متاع الحياة الدنيا، فإن عند الله مغانم كثيرة من رزقه وفواضل نعمه، فهي خير لكم إن أطعتم الله فيما أمركم به ونهاكم عنه فأثابكم بها على طاعتكم إياه، فالتمسوا ذلك من عنده * (كذلك كنتم من قبل) * يقول:
كما كان هذا الذي ألقى إليكم السلام فقلت له لست مؤمنا فقتلتموه، كذلك أنتم من قبل، يعني: من قبل إعزاز الله دينه بتباعه وأنصاره، تستخفون بدينكم كما استخفى هذا الذي قتلتموه، وأخذتم ماله بدينه من قومه أن يظهره لهم حذرا على نفسه منهم. وقد قيل: إن معنى قوله: * (كذلك كنتم من قبل) * كنتم كفارا مثلهم. * (فمن الله عليكم) * يقول: فتفضل الله عليكم باعزاز دينه بأنصاره وكثرة تباعه. وقد قيل: فمن الله عليكم بالتوبة من قتلكم هذا الذي قتلتموه، وأخذتم ماله بعد ما ألقى إليكم السلام. * (فتبينوا) * يقول: فلا تعجلوا بقتل من أردتم قتله ممن التبس عليكم أمر إسلامه، فلعل ألله أن يكون قد من عليه من الاسلام