كلام، فجاءت عثمان فذكرت ذلك له، فأرسل ابن عباس ومعاوية، فقال ابن عباس:
لأفرقن بينهما! وقال معاوية: ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف! فأتياهما وقد اصطلحا.
حدثني يحيى بن أبي طالب، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: * (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) * يكونان عدلين عليهما وشاهدين. وذلك إذا تدارأ الرجل والمرأة وتنازعا إلى السلطان، جعل عليهما حكمين: حكما من أهل الرجل وحكما من أهل المرأة، يكونان أمينين عليهما جميعا. وينظران من أيهما يكون الفساد، فإن كان من قبل المرأة أجبرت على طاعة زوجها، وأمر أن يتقي الله ويحسن صحبتها وينفق عليها بقدر ما آتاه الله، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وإن كانت الإساءة من قبل الرجل أمر بالاحسان إليها، فإن لم يفعل قيل له: أعطها حقها، وخل سبيلها! وإنما يلي ذلك منهما السلطان.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في قوله: * (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) * أن الله خاطب المسلمين بذلك، وأمرهم ببعثة الحكمين عند خوف الشقاق بين الزوجين للنظر في أمرهما، ولم يخصص بالأمر بذلك بعضهم دون بعض. وقد أجمع الجميع على أن بعثة الحكمين في ذلك ليست لغير الزوجين وغير السلطان، الذي هو سائس أمر المسلمين، أو من أقامه في ذلك مقام نفسه.
واختلفوا في الزوجين والسلطان، ومن المأمور بالبعثة في ذلك: الزوجان، أو السلطان؟ ولا دلالة في الآية تدل على أن الامر بذلك مخصوص به أحد الزوجين، ولا أثر به عن رسول الله (ص)، والأمة فيه مختلفة.
وإذ كان الامر على ما وصفنا، فأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون مخصوصا من الآية من أجمع الجميع على أنه مخصوص منها. وإذ كان ذلك كذلك، فالواجب أن يكون الزوجان والسلطان ممن قد شمله حكم الآية، والامر بقوله: * (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) * إذ كان مختلفا بينهما هل هما معنيان بالأمر بذلك أم لا؟ وكان ظاهر الآية قد عمهما، فالواجب من القول إذ كان صحيحا ما وصفنا أن يقال: إن بعث الزوجان كل