رضا الزوج، ولا أخذ مال من المرأة بغير رضاها بإعطائه، إلا بحجة يجب التسليم لها من أصل أو قياس. وإن بعث الحكمين السلطان، فلا يجوز لهما أن يحكما بين الزوجين بفرقة إلا بتوكيل الزوج إياهما بذلك، ولا لهما أن يحكما بأخذ مال من المرأة إلا برضا المرأة، يدل على ذلك ما قد بيناه قبل من فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك، والقائلين بقوله. ولكن لهما أن يصلحا بين الزوجين، ويتعرفا الظالم منهما من المظلوم ليشهدا عليه إن احتاج المظلوم منهما إلى شهادتهما. وإنما قلنا: ليس لهما التفريق للعلة التي ذكرناها آنفا، وإنما يبعث السلطان الحكمين إذا بعثهما إذا ارتفع إله الزوجان، فشكا كل واحد منهما صاحبه، وأشكل عليه المحق منهما من المبطل، لأنه إذا لم يشكل المحق من المبطل، فلا وجه لبعثة الحكمين في أمر قد عرف الحكم فيه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (إن يريدا إصلاحا) *: إن يرد الحكمان إصلاحا بين الرجل والمرأة، أعني بين الزوجين المخوف شقاق بينهما، يقول: يوفق الله بين الحكمين، فيتفقا على الاصلاح بينهما، وذلك إذا صدق كل واحد منهما فيما أفضى إليه من بعث للنظر في أمر الزوجين.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد، في قوله: * (إن يريدا إصلاحا) * قال: أما إنه ليس بالرجل والمرأة، ولكنه الحكمان.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: * (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) * قال: هما الحكمان، إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما.
حدثنا المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) * وذلك الحكمان، وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق والصواب.