وقال آخرون: بل ذلك تحليل النساء، قالوا: وإنما عنى الله بذلك: أم يحسدون محمدا على ما أحل الله له من النساء، فقد أحل الله مثل الذي أحله له منهن لداود وسليمان وغيرهم من الأنبياء، فكيف لم يحسدوهم على ذلك وحسدوا محمدا عليه الصلاة والسلام؟
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (فقد آتينا آل إبراهيم) *: سليمان وداود * (الحكمة) * يعني: النبوة. * (وآتيناهم ملكا عظيما) * في النساء، فما باله حل لأولئك وهم أنبياء أن ينكح داود تسعا وتسعين امرأة، وينكح سليمان مائة، ولا يحل لمحمد أن ينكح كما نكحوا!.
وقال آخرون: بل معنى قوله: * (وآتيناهم ملكا عظيما) * الذي آتي سليمان بن داود.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: * (وآتيناهم ملكا عظيما) * يعني: ملك سليمان.
وقال آخرون: بل كانوا أيدوا بالملائكة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن همام بن الحارث: * (وآتيناهم ملكا عظيما) * قال: أيدوا بالملائكة والجنود.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآي، وهي قوله: * (وآتيناهم ملكا عظيما) * القول الذي روي عن ابن عباس أنه قال: يعني: ملك سليمان، لان ذلك هو المعروف في كلام العرب، دون الذي قال: إنه ملك النبوة، ودون قول من قال: إنه تحليل النساء والملك عليهن. لان كلام الله الذي خوطب به العرب غير جائز توجيهه إلا إلى المعروف المستعمل فيهم من معانيه، إلا أن تأتي دلالة أو تقوم حجة على أن ذلك بخلاف ذلك يجب التسليم لها. القول في تأويل قوله تعالى: * (فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: فمن الذين أوتوا الكتاب من يهود بني إسرائيل الذين قال لهم جل ثناؤه: * (آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها *