تظلموها أهلها ولا تستأثروا بشئ منها ولا تضعوا شيئا منها في غير موضعه، ولا تأخذوها إلا ممن أذن الله لكم بأخذها منه قبل أن تصير في أيديكم، ويأمركم إذا حكمتم بين رعيتكم أن تحكموا بينهم بالعدل والانصاف، وذلك حكم الله الذي أنزله في كتابه وبينه على لسان رسوله، لا تعدوا ذلك فتجوروا عليهم.
القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر ولاة أمور المسلمين إن الله نعم الشئ يعظكم به، ونعمت العظة يعظكم بها في أمره إياكم، أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن تحكموا بين الناس بالعدل * (ن الله كان سميعا) * يقول: إن الله لم يزل سميعا بما تقولون وتنطقون، وهو سميع لذلك منكم إذا حكمتم بين الناس ولم تجاوزوهم به، * (بصيرا) * بما تفعلون فيما ائتمنتكم عليه من حقوق رعيتكم وأموالهم، وما تقضون به بينهم من أحكامكم بعدل تحكمون أو جور، لا يخفى عليه شئ من ذلك، حافظ ذلك كله، حتى يجازي محسنكم بإحسانه ومسيئكم بإساءته، أو يعفو بفضله. القول في تأويل قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، وأطيعوا رسوله محمدا (ص)، فإن في طاعتكم إياه لربكم طاعة، وذلك أنكم تطيعونه لأمر الله إياكم بطاعته. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (ص): من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصا أميري فقد عصاني.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * فقال بعضهم:
ذلك أمر من الله باتباع سنته. ذكر من قال ذلك: