قالوا: هذا نبي الله نراه في الدنيا، فأما في الآخرة فيرفع فلا نراه! فأنزل الله: * (ومن يطع الله والرسول) *... إلى قوله: * (رفيقا) *.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) *... الآية، قال: قال ناس من الأنصار: يا رسول الله، إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك، فكيف نصنع؟ فأنزل الله: * (ومن يطع الله والرسول) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: * (ومن يطع الله والرسول) *... الآية، قال: إن أصحاب النبي (ص) قالوا: قد علمنا أن النبي (ص) له فضل على من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدقه، فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا؟ فأنزل الله في ذلك فقال: إن الأعلين ينحدرون إلى من هم أسفل فيجتمعون في رياضها، فيذكرون ما أنعم الله عليهم، ويثنون عليه، وينزل لهم أهل الدرجات، فيسعون عليهم بما يشتهون وما يدعون به، فهم في روضة يحبرون ويتنعمون فيه.
وأما قوله: * (ذلك الفضل من الله) * فإنه يقول: كون من أطاع الله والرسول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، * (الفضل من الله) * يقول ذلك عطاء الله إياهم وفضله عليهم، لا باستيجابهم ذلك لسابقة سبقت لهم.
فإن قال قائل: أو ليس بالطاعة وصلوا إلى ما وصلوا إليه من فضله؟ قيل له: إنهم لم يطيعوه في الدنيا إلا بفضله الذي تفضل به عليهم فهداهم به لطاعته، فكل ذلك فضل منه تعالى ذكره.
وقوله: * (وكفى بالله عليما) * يقول: وحسب العباد بالله الذي خلقهم عليما بطاعة المطيع منهم ومعصية العاصي، فإنه لا يخفى عليه شئ من ذلك ولكنه يحصيه عليهم ويحفظه حتى يجازي جميعهم، فيجزي المحسن منهم بالاحسان، والمسئ منهم بالإساءة، ويعفو عمن شاء من أهل التوحيد. القول في تأويل قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا) *..
يعني بقوله جل ثناؤه: * (يا أيها الذين آمنوا) * صدقوا الله ورسوله، * (خذوا