(ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعمل ذنبا، وهو السوء، أو يظلم نفسه بإكسابه إياها ما يستحق به عقوبة الله، * (ثم يستغفر الله) * يقول: ثم يتوب إلى الله بإنابته مما عمل من السوء وظلم نفسه ومراجعته ما يحبه الله من الأعمال الصالحة التي تمحو ذنبه وتذهب جرمه، * (يجد الله غفورا رحيما) * يقول: يجد ربه ساترا عليه ذنبه بصفحه له عن عقوبته جرمه، رحيما به.
واختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها الذين وصفهم الله بالخيانة بقوله: * (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) *.
وقال آخرون: بل عني بها الذين يجادلون عن الخائنين، الذين قال الله لهم: * (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا) * وقد ذكرنا قائلي القولين كليهما فيما مضى.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أنه عنى بها كل من عمل سوءا أو ظلم نفسه، وإن كانت نزلت في أمر الخائنين والمجادلين عنهم الذين ذكر الله أمرهم في الآيات قبلها.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل قال: قال عبد الله: كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه، وإذا أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض، فقال رجل:
لقد أتى الله بني إسرائيل خيرا. فقال عبد الله: ما آتاكم الله خيرا مما أتاهم، جعل الله الماء لكم طهورا، وقال: و * (الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) * وقال: * (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) *.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا ابن عون، عن حبيب بن أبي