فلا يصدقون بمحمد (ص)، وما جاءهم به من عند ربهم، ولا يقرون بنبوته إلا قليلا، يقول:
لا يصدقون بالحق الذي جئتهم به يا محمد إلا إيمانا قليلا. كما:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: * (فلا يؤمنون إلا قليلا) * قال: لا يؤمنون هم إلا قليلا.
وقد بينا وجه ذلك بعلله في سورة البقرة. القول في تأويل قوله تعالى: * (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (يا أيها الذين أوتوا الكتاب) *: اليهود من بني إسرائيل الذين كانوا حوالي مهاجر رسول الله (ص)، قال الله لهم: يا أيها الذين أنزل إليهم الكتاب فأعطوا العلم به، * (آمنوا) * يقول: صدقوا بما أنزلنا إلى محمد من الفرقان، * (مصدقا لما معكم) يعني: محققا للذي معكم من التوراة التي أنزلتها إلى موسى بن عمران، * (من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) *.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: طمسه إياه: محوه آثارها حتى تصير كالأقفاء.
وقال آخرون: معنى ذلك: أن نطمس أبصارها فنصيرها عمياء، ولكن الخبر خرج بذكر الوجه، والمراد به بصره. * (فنردها على أدبارها) *: فنجعل أبصارها من قبل أقفائها.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثنا عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: * (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا) *... إلى قوله: * (من قبل أن نطمس وجوها) * وطمسها أن تعمى فنردها على أدبارها، يقول: أن نجعل وجوههم من قبل أقفيتهم فيمشون القهقري ونجعل لأحدهم عينين في قفاه.
حدثني أبو العالية إسماعيل بن الهيثم العبدي، قال: ثنا أبو قتيبة، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي في قوله: * (من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) * قال: نجعلها في أقفائها فتمشي على أعقابها القهقري.