يعني جل ثناؤه بقوله: * (فمال هؤلاء القوم) * فما شأن هؤلاء القوم الذين إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله، وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك، * (لا يكادون يفقهون حديثا) * يقول: لا يكادون يعلمون حقيقة ما تخبرهم به من أن كل ما أصابهم من خير أو شر أو ضر وشدة أو رخاء، فمن عند الله، لا يقدر على ذلك غيره، ولا يصيب أحدا سيئة إلا بتقديره، ولا ينال رخاء ونعمة إلا بمشيئته. وهذا إعلام من الله عباده أن مفاتح الأشياء كلها بيده، لا يملك شيئا منها أحد غيره. [/ شا [القول في تأويل قوله تعالى: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) *: ما يصيبك يا محمد من رخاء ونعمة وعافية وسلامة، فمن فضل الله عليك يتفضل به عليك إحسانا منه إليك. وأما قوله: * (وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * يعني: وما أصابك من شدة ومشقة وأذى ومكروه، فمن نفسك، يعني: بذنب استوجبتها به اكتسبته نفسك. كما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * أما من نفسك، فيقول: من ذنبك.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * عقوبة يا ابن آدم بذنبك. قال:
وذكر لنا أن نبي الله (ص) كان يقول: لا يصيب رجلا خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب، وما يعفوا الله أكثر.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * يقول: الحسنة: ما فتح الله عليه يوم بدر وما أصابه من الغنيمة والفتح، والسيئة: ما أصابه يوم أحد أن شج في وجهه وكسرت رباعيته.