يعني بقوله جل ثناؤه: * (ذلك) * فرد ما تنازعتم فيه من شئ إلى الله والرسول، خير لكم عند الله في معادكم، وأصلح لكم في دنياكم، لان ذلك يدعوكم إلى الألفة، وترك التنازع والفرقة. * (وأحسن تأويلا) * يعني: وأحمد موئلا ومغبة، وأجمل عاقبة. وقد بينا فيما مضى أن التأويل: التفعيل من تأول، وأن قول القائل تأول: تفعل، من قولهم آل هذا الامر إلى كذا: أي رجع، بما أغنى عن إعادته.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (وأحسن تأويلا) * قال: أحسن جزاء.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (ذلك خير وأحسن تأويلا) * يقول: ذلك أحسن ثوابا وخير عاقبه.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (وأحسن تأويلا) * قال: عاقبة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (ذلك خير وأحسن تأويلا) * قال: وأحسن عاقبة. قال: والتأويل: التصديق. القول في تأويل قوله تعالى: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: ألم تر يا محمد بقلبك فتعلم إلى الذين يزعمون أنهم صدقوا بما أنزل إليك من الكتاب، وإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل من قلبك من الكتب: * (يريدون أن يتحاكموا) * في خصومتهم * (إلى الطاغوت) * يعني: إلى من يعظمونه، ويصدرون عن قوله، ويرضون بحكمه من دون حكم الله. * (وقد أمروا أن يكفروا به) * يقول: وقد أمرهم الله أن يكذبوا بما جاءهم به الطاغوت الذي يتحاكون إليه، فتركوا أمر