في ديني أولياء: يعني أنصارا وأخلاء من دون المؤمنين، يعني: من غير المؤمنين. * (أيبتغون عندهم العزة) * يقول: أيطلبون عندهم المنعة والقوة باتخاذهم إياهم أولياء من دون أهل الايمان بي. * (فإن العزة لله جميعا) * يقول: فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزة عندهم، هم الأذلاء الأقلاء، فهلا اتخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمسوا العزة والمنعة والنصر من عند الله، الذي له العزة والمنعة، الذي يعز من يشاء، ويذل من يشاء فيعزهم ويمنعهم؟ وأصل العزة: الشدة، ومنه قيل للأرض الصلبة الشديدة:
عزاز، وقيل: قد استعز على المريض: إذا اشتد مرضه وكاد يشفي، ويقال: تعزز اللحم: إذا اشتد، ومنه قيل: عز علي أن يكون كذا وكذا، بمعنى: اشتد علي. القول في تأويل قوله تعالى: * (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: بشر المنافقين الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين. * (وقد نزل عليكم في الكتاب) * يقول: أخبر من اتخذ من هؤلاء المنافقين الكفار أنصارا وأولياء بعد ما نزل عليهم من القرآن. * (أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها، ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) * يعني: بعد ما علموا نهى الله عن مجالسة الكفار الذين يكفرون بحجج الله وآي كتابه، ويستهزئون بها، * (حتى يخوضوا في حديث غيره) * يعني بقوله: * (يخوضوا) *: يتحدثوا حديثا غيره بأن لهم عذابا أليما. وقوله: * (إنكم إذا مثلهم) * يعني: وقد نزل عليكم أنكم إن جالستم من يكفر بآيات الله، ويستهزئ بها وأنتم تسمعون فأنتم مثله، يعني: فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال مثلهم في فعلهم، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم، وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله، فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتوه منها، فأنتم إذا مثلهم في ركوبكم معصية الله، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه. وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم.