والنفقة، وترك الجور في ذلك بإيثار إحداهن على الأخرى فيما فرض عليهم العدل بينهن فيه، إذ كان قد صفح لهم عما لا يطيقون العدل فيه بينهن، مما في القلوب من المحبة والهوى.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: وإن تصلحوا أعمالكم أيها الناس، فتعدلوا في قسمكم بين أزواجكم وما فرض الله لهن عليكم من النفقة والعشرة بالمعروف، فلا تجوروا في ذلك. * (وتتقوا) * يقول: وتتقوا الله في الميل الذي نهاكم عنه، بأن تميلوا لإحداهن على الأخرى، فتظلموها حقها مما أوجبها الله له عليكم. * (فإن الله كان غفورا) * يقول: فإن الله يستر عليكم ما سلف منكم من ميلكم وجوركم عليهن قبل ذلك بتركه عقوبتكم عليه، ويغطي ذلك عليكم بعفوه عنكم ما مضى منكم في ذلك قبل. * (رحيما) * يقول: وكان رحيما بكم إذا تاب عليكم، فقبل توبتكم من الذي سلف منكم من جوركم في ذلك عليهن، وفي ترخيصه لكم الصلح بينكم وبينهن، بصفحهن عن حقوقهن لكم من القسم على أن يطلقن.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أبت المرأة التي قد نشز عليها زوجها، أو أعرض عنها بالميل منها إلى ضرتها لجمالها أو شبابها، أو غير ذلك مما تميل النفوس به إليها الصلح، لصفحها لزوجها عن يومها وليلتها، وطلبت حقها منه من القسم والنفقة وما أوجب الله لها عليه، وأبى الزوج الاخذ عليها بالاحسان الذي ندبه الله إليه بقوله: وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) * وإلحاقها في القسم لها والنفقة والعشرة بالتي هو إليها، مائل، فتفرقا بطلاق الزواج إياها، * (يغن الله كلا من سعته) * يقول يغن الله الزوج والمرأة المطلقة من سعة فضله، أما هذه فبزوج هو أصلح لها من المطلق الأول، أو برزق واسع وعصمة، وأما هذا فبرزق واسع وزوجة هي أصلح له من المطلقة أو عفة. * (وكان الله واسعا) * يعني: وكان الله واسعا لهما في رزقه إياهما وغيرهما من خلقه. * (حكيما) * فيما قضى بينه وبينها من الفرقة والطلاق، وسائر المعاني التي عرفناها من الحكم بينهما في هذه الآيات وغيرها وفي غير ذلك من أحكامه وتدبيره وقضاياه في خلقه.