(ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شئ محيطا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: واتخذ الله إبراهيم خليلا لطاعته ربه، وإخلاصه العبادة له، والمسارعة إلى رضاه ومحبته، لا من حاجة به إليه وإلى خلته، وكيف يحتاج إليه وإلى خلته، وله ما في السماوات وما في الأرض من قليل وكثير ملكا، والمالك الذي إليه حاجة ملكه دون حاجته إليه، فكذلك حاجة إبراهيم إليه، لا حاجته إليه، فيتخذه من أجل حاجته إليه خليلا، ولكنه اتخذه خليلا لمسارعته إلى رضاه ومحبته. يقول: فكذلك فسارعوا إلى رضاي ومحبتي لاتخذكم لي أولياء. * (وكان الله بكل شئ محيطا) * ولم يزل الله محصيا لكل ما هو فاعله عباده من خير وشر، عالما بذلك، لا يخفى عليه شئ منه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة. القول في تأويل قوله تعالى: * (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (ويستفتونك في النساء) * ويسألك يا محمد أصحابك أن تفتيهم في أمر النساء، والواجب لهن وعليهن. فاكتفى بذكر النساء من ذكر شأنهن، لدلالة ما ظهر من الكلام على المراد منه. * (قل الله يفتيكم فيهن) * قل لهم يا محمد: الله يفتيكم فيهن، يعني في النساء. * (وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن) *.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: * (وما يتلى عليكم في الكتاب) * فقال بعضهم:
يعني بقوله: * (وما يتلى عليكم) * قل الله يفتيكم فيهن، وفيما يتلى عليكم، قالوا: والذي يتلى عليهم هو آيات الفرائض، التي في أول هذه السورة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: * (ويستفتونك في النساء، قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب) * قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا