اطلع كل واحد منهما على ما أفضى به صاحبه إليه، فيعرفان عند ذلك من الظالم والناشز منهما، فأتيا عليه، فحكما عليه. فإن كانت المرأة قالا: أنت الظالمة العاصية، لا ينفق عليك حتى ترجعي إلى الحق وتطيعي الله فيه. وإن كان الرجل هو الظالم، قالا: أنت الظالم المضار لا تدخل لها بيتا حتى تنفق عليها وترجع إلى الحق والعدل. فإن كانت هي الظالمة العاصية أخذ منها مالها، وهو له حلال طيب، وإن كان هو الظالم المسئ إليها المضار لها طلقها، ولم يحل له من مالها شئ، فإن أمسكها أمسكها بما أمر الله وأنفق عليها وأحسن إليها.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يبعث الحكمين: حكما من أهله وحكما من أهلها، فيقول الحكم من أهلها: يا فلان ما تنقم من زوجتك؟ فيقول: أنقم منها كذا وكذا. قال: فيقول: أفرأيت إن نزعت عما تكره إلى ما تحب، هل أنت متقي الله فيها ومعاشرها بالذي يحق عليك في نفقتها وكسوتها؟ فإذا قال نعم، قال الحكم من أهله:
يا فلانة ما تنقمين من زوجك فلان؟ فتقول مثل ذلك، فإن قالت: نعم، جمع بينهما. قال:
وقال علي رضي الله عنه: الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: قال الحسن: الحكمان يحكمان في الاجتماع، ولا يحكمان في الفرقة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: * (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) * وهي المرأة التي تنشز على زوجها، فلزوجها أن يخلعها حين يأمر الحكمان بذلك، وهو بعد ما تقول لزوجها:
والله لا أبر لك قسما، ولآذنن في بيتك بغير أمرك. ويقول السلطان: لا نجيز لك خلعا.
حتى تقول المرأة لزوجها: والله لا أغتسل لك من جنابة، ولا أقيم لك صلاة، فعند ذلك يقول السلطان: اخلع المرأة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) * قال: تعظها، فإن أبت وغلبت فاهجرها في مضجعها. فإن غلبت هذا أيضا فاضربها. فإن غلبت هذا أيضا، بعث حكم من أهله وحكم