حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن زيد بن أسلم بمثله.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال قريب معنى بعضها من بعض، لان ما كان مفروضا فواجب، وما كان واجبا أداؤه في وقت بعد وقت فمنجم. غير أن أولى المعاني بتأويل الكلمة قول من قال: إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضا منجما، لان الموقوت إنما هو مفعول من قول القائل: وقت الله عليك فرضه فهو يقته، ففرضه عليك موقوت، إذا أخبر أنه جعل له وقتا يجب عليك أداؤه. فكذلك معنى قوله: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * إنما هو كانت على المؤمنين فرضا وقت لهم وقت وجوب أدائه، فبين ذلك لهم.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (ولا تهنوا) *: ولا تضعفوا، من قولهم: وهن فلان في هذا الامر يهن وهنا ووهونا. وقوله: * (في ابتغاء القوم) *: يعني في التماس القوم وطلبهم، والقوم هم أعداء الله وأعداء المؤمنين من أهل الشرك بالله * (إن تكونوا تألمون) * يقول: إن تكونوا أيها المؤمنون تيجعون مما ينالكم من الجراح منهم في الدنيا. * (فإنهم يألمون كما تألمون) * يقول: فإن المشركين ييجعون مما ينالهم منكم من الجراح والأذى، مثل ما تيجعون أنتم من جراحهم وأذاهم فيها. * (وترجون) * أنتم أيها المؤمنون * (من الله) * من الثواب على ما ينالكم منهم، * (ما لا يرجون) * هم على ما ينالهم منكم. يقول: فأنتم إذ كنتم موقنين من ثواب الله لكم على ما يصيبكم منهم بما هم به مكذبون، وأولى وأحرى أن تصبروا على حربهم وقتالهم منهم على قتالكم وحربكم، وأن تجدوا من طلبهم وابتغائهم لقتالهم على ما يهنون هم فيه ولا يجدون، فكيف على ما جدوا فيه ولم يهنوا؟.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون) * منهم، * (فإنهم يألمون كما تألمون) * يقول: لا تضعفوا في طلب القوم، فإنكم إن تكونوا تيجعون، فإنهم ييجعون كما تيجعون، وترجون من الله من الأجر والثواب ما لا يرجون.