فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) *..
يعني بقوله جل ثناؤه مخبرا عن قيل الشيطان المريد، الذي وصف صفته في هذه الآية: ولأضلهم ولأصدن النصيب المفروض الذي أتخذه من عبادك عن محجة الهدى إلى الضلال، ومن الاسلام إلى الكفر. * (ولأمنينهم) * يقول: لأزيغنهم بما أجعل في نفوسهم من الأماني عن طاعتك وتوحيدك إلى طاعتي، والشرك بك. * (ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام) * يقول: ولآمرن النصيب المفروض لي من عبادك بعبادة غيرك من الأوثان والأنداد، حتى ينسكوا له، ويحرموا، ويحللوا له، ويشرعوا غير الذي شرعته لهم فيتبعوني ويخالفونك. والبتك: القطع، وهو في هذا الموضع: قطع أذن البحيرة ليعلم أنها بحيرة. وإنما أراد بذلك الخبيث أنه يدعوهم إلى البحيرة فيستجيبون له ويعملون بها طاعة له.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: * (فليبتكن آذان الانعام) * قال: البتك في البحيرة والسائبة، كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله: * (ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام) * أما يبتكن آذان الانعام: فيشقونها فيجعلونها بحيرة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
أخبرني القاسم بن أبي بزة، عن عكرمة: * (فليبتكن آذان الانعام) * قال: دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) *.