(يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (يستخفون من الناس) * يستخفى هؤلاء الذين يختانون أنفسهم ما أوتوا من الخيانة، وركبوا من العار والمعصية من الناس الذي لا يقدرون لهم على شئ إلا ذكرهم بقبيح ما أوتوا من فعلهم وشنيع ما ركبوا من جرمهم إذا اطلعوا عليه حياء منهم، وحذرا من قبيح الأحدوثة. * (ولا يستخفون من الله) * الذي هو مطلع عليهم، لا يخفى عليه شئ من أعمالهم، وبيده العقاب والنكال وتعجيل العذاب، وهو أحق أن يستحيا منه من غيره، وأولى أن يعظم بأن لا يراهم حيث يكرهون أن يراهم أحد من خلقه * (وهو معهم) * يعني: والله شاهدهم، * (إذ يبينون ما لا يرضى من القول) * يقول حين يسوون ليلا ما لا يرضى من القول فيغيرونه عن وجهه، ويكذبون فيه. وقد بينا معنى التبييت في غير هذا الموضع، وأنه كل كلام أو أمر أصلح ليلا. وقد حكي عن بعض الطائيين أن التبييت في لغتهم التبديل، وأنشد للأسود بن عامر بن جوين الطائي في معاتبة رجل:
وبيت قولي عبد المليك * قاتلك الله عبدا كنودا بمعنى: بدلت قولي. وروي عن أبي رزين أنه كان يقول في معنى قوله: يبيتون:
يؤلفون.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي رزين: * (إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) * قال: يؤلفون ما لا يرضى من القول.
حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، قال: ثنا أبو يحيى الحماني، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي رزين، بنحوه.