حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال لي عبد الله بن كثير، قوله: * (في الدرك الأسفل من النار) * قال: سمعنا أن جهنم أدراك، منازل.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن خيثمة، عن عبد الله: * (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) * قال: توابيت من نار تطبق عليهم.
وأما قوله: * (ولن تجد لهم نصيرا) * فإنه يعني: ولن تجد لهؤلاء المنافقين يا محمد من الله إذا جعلهم في الدرك الأسفل من النار ناصرا ينصرهم منه، فينقذهم من عذابه، ويدفع عنهم أليم عقابه. القول في تأويل قوله تعالى: * (إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما) *.
وهذا استثناء من الله جل ثناؤه، استثنى التائبين من نفاقهم إذا أصلحوا وأخلصوا الدين لله وحده وتبرأوا من الآلهة والأنداد، وصدقوا رسوله، أن يكونوا مع المصرين على نفاقهم، حتى يوفيهم مناياهم في الآخرة، وأن يدخلوا مداخلهم من جهنم. بل وعدهم جل ثناؤه أن يحلهم مع المؤمنين محل الكرامة، ويسكنهم معهم مساكنهم في الجنة، ووعدهم من الجزاء على توبتهم الجزيل من العطاء، فقال: وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما) *.
فتأويل الآية: * (إلا الذين تابوا) * أي راجعوا الحق، وأبوا إلا الاقرار بوحدانية الله وتصديق رسوله وما جاء به من عند ربه، من نفاقهم. * (وأصلحوا) *: يعني وأصلحوا أعمالهم، فعملوا بما أمرهم الله به وأدوا فرائضه، وانتهوا عما نهاهم عنه وانزجروا عن معاصيه. * (واعتصموا بالله) * يقول: وتمسكوا بعهد الله. وقد دللنا فيما مضى قبل، على أن الاعتصام: التمسك والتعلق، فالاعتصام بالله: التمسك بعهده وميثاقه الذي عهد في كتابه إلى خلقه من طاعته وترك معصيته. * (وأخلصوا دينهم لله) * يقول: وأخلصوا طاعتهم وأعمالهم التي يعملونها لله، فأرادوه بها، ولم يعملوها رئاء الناس ولا على شك منهم في دينهم وامتراء منهم، في أن الله محص عليهم ما عملوا، فيجازي المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته، ولكنهم عملوها على يقين منهم في ثواب المحسن على إحسانه وجزاء المسئ