من المتناجين يا محمد من الناس، إلا فيمن أمر بصدقة أو معروف، أو إصلاح بين الناس، فإن أولئك فيهم الخير. القول في تأويل قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: * (ومن يشاقق الرسول) *: ومن يباين الرسول محمدا (ص) معاديا له، فيفارقه على العداوة له، * (من بعد ما تبين له الهدى) * يعني: من بعد ما تبين له أن رسول الله، وأن ما جاء به من عند الله يهدى إلى الحق، وإلى طريق مستقيم. * (ويتبع غير سبيل المؤمنين) * يقول: ويتبع طريقا غير طريق أهل التصديق، ويسلك منهاجا غير منهاجهم، وذلك هو الكفر بالله، لان الكفر بالله ورسوله غير سبيل المؤمنين وغير منهاجهم. * (نوله ما تولى) * يقول: نجعل ناصره ما استنصره واستعان به من الأوثان والأصنام، وهي لا تغنيه ولا تدفع عنه من عذاب الله شيئا ولا تنفعه. كما:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (نوله ما تولى) * قال: من آلهة الباطل.
حدثني ابن المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. * (ونصله جهنم) * يقوله: ونجعله صلى نار جهنم، يعني نحرقه بها، وقد بينا معنى الصلى فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. * (وساءت مصيرا) * يقول: وساءت جهنم مصيرا: موضعا يصير إليه من صار إليه. ونزلت هذه الآية في الخائنين الذين ذكرهم الله في قوله: * (ولا تكن للخائنين خصيما) * لما أبى التوبة من أبى منهم، وهو طعمة بن الأبيرق، ولحق بالمشركين من عبدة الأوثان بمكة مرتدا مفارقا لرسول الله (ص) ودينه. القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لا يغفر لطعمة إذ أشرك ومات على شركه بالله ولا لغيره من خلقه بشركهم وكفرهم به، * (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * يقول: ويغفر ما دون الشرك