على إساءته، أو يتفضل عليه ربه فيعفو، متقربين بها إلى الله مريدين بها وجه الله، فذلك معنى إخلاصهم لله دينهم. ثم قال جل ثناؤه: * (فأولئك مع المؤمنين) * يقول: فهؤلاء الذين وصف صفتهم من المنافقين بعد توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم له مع المؤمنين في الجنة، لا مع المنافقين الذي ماتوا على نفاقهم، الذي أوعدهم الدرك الأسفل من النار. ثم قال: * (وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما) * يقول: وسوف يعطي الله هؤلاء الذين هذه صفتهم على توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم دينهم له على إيمانهم، ثوابا عظيما، وذلك درجات في الجنة، كما أعطى الذين ماتوا على النفاق منازل في النار، وهي السفلى منها، لان الله جل ثناؤه وعد عباده المؤمنين أن يؤتيهم على إيمانهم ذلك، كما أوعد المنافقين على نفاقهم ما ذكر في كتابه. وهذا القول، هو معنى قول حذيفة بن اليمان الذي:
حدثنا به ابن حميد وابن وكيع، قالا: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال حذيفة: ليدخلن الجنة قوم كانوا منافقين! فقال عبد الله: وما علمك بذلك؟ فغضب حذيفة، ثم قام فتنحى. فلما تفرقوا مر به علقمة فدعاه، فقال: أما إن صاحبك يعلم الذي قلت! ثم قرأ * (إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما) *. القول في تأويل قوله تعالى: * (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم) *: ما يصنع الله أيها المنافقون بعذابكم، إن أنتم تبتم إلى الله ورجعتم إلى الحق الواجب لله عليكم، فشكرتموه على ما أنعم عليكم من نعمه في أنفسكم وأهاليكم وأولادكم، بالإنابة إلى توحيده والاعتصام به، وإخلاصكم أعمالكم لوجهه، وترك رياء الناس بها، وآمنتم برسوله محمد (ص) فصدقتموه وأقررتم بما جاءكم به من عنده فعملتم به. يقول: لا حاجة بالله أن يجعلكم في الدرك الأسفل من النار إن أنتم أنبتم إلى طاعته وراجعتم العمل بما أمركم به وترك ما نهاكم عنه، لأنه لا يجتلب بعذابكم إلى نفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، وإنما عقوبته من عاقب من خلقه جزاء منه له على جراءته عليه وعلى خلافه أمره ونهيه وكفرانه شكر نعمه عليه. فإن أنتم شكرتم له على نعمة وأطعتموه في أمره ونهيه، فلا حاجة به إلى