حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: * (الذين أحصروا في سبيل الله) * قال: حصروا أنفسهم في سبيل الله للغزو.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) * قال: كانت الأرض كلها كفرا لا يستطيع أحد أن يخرج يبتغي من فضل الله إذا خرج خرج في كفر. وقيل: كانت الأرض كلها حربا على أهل هذا البلد، وكانوا لا يتوجهون جهة إلا لهم فيها عدو، فقال الله عز وجل: * (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) *... الآية، كانوا ههنا في سبيل الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: الذين أحصرهم المشركون فمنعوهم التصرف. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
* (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) * حصرهم المشركون في المدينة.
ولو كان تأويل الآية على ما تأوله السدي، لكان الكلام: للفقراء الذين حصروا في سبيل الله، ولكنه أحصروا، فدل ذلك على أن خوفهم من العدو الذي صير هؤلاء الفقراء إلى الحال التي حبسوا وهم في سبيل الله أنفسهم، لا أن العدو هم كانوا الحابسيهم، وإنما يقال لمن حبسه العدو: حصره العدو، وإذا كان الرجل المحبس من خوف العدو وقيل:
أحصره خوف العدو.
القول في تأويل قوله تعالى: * (لا يستطيعون ضربا في الأرض) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: لا يستطيعون تقلبا في الأرض، وسفرا في البلاد، ابتغاء المعاش وطلب المكاسب، فيستغنوا عن الصدقات رهبة العدو، وخوفا على أنفسهم منهم.
كما:
حدثني الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: * (لا يستطيعون ضربا في الأرض) * حبسوا أنفسهم في سبيل الله للعدو، فلا يستطيعون تجارة.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (لا يستطيعون ضربا في الأرض) * يعني التجارة.