وأما الذي قلنا من وجوب رزق الوالدة وكسوتها بالمعروف على ولدها إذا كانت الوالدة بالصفة التي وصفنا على مثل الذي كان يجب لها من ذلك على المولود له، فما لا خلاف فيه من أهل العلم جميعا، فصح ما قلنا في الآية من التأويل بالنقل المستفيض وراثة عمن لا يجوز خلافه، وما عدا ذلك من التأويلات فمتنازع فيه، وقد دللنا على فساده.
القول في تأويل قوله تعالى: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما.
يعني تعالى ذكره بقوله: فإن أرادا إن أراد والد المولود ووالدته فصالا، يعني فصال ولدهما من اللبن. ويعني بالفصال: الفطام، وهو مصدر من قول القائل: فاصلت فلانا أفاصله مفاصلة وفصالا: إذا فارقه من خلطة كانت بينهما، فكذلك فصال الفطيم، إنما هو منعه اللبن وقطعه شربه، وفراقه ثدي أمه إلا الاغتذاء بالأقوات التي يغتذي بها البالغ من الرجال. وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
3975 - حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: فإن أرادا فصالا يقول إن أرادا أن يفطماه قبل الحولين.
3976 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس: فإن أرادا فصالا فإن أرادا أن يفطماه قبل الحولين وبعده.
3977 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما قال: الفطام.
وأما قوله: عن تراض منهما وتشاور فإنه يعني بذلك: عن تراض من والدي المولود وتشاور منهما.
ثم اختلف أهل التأويل في الوقت الذي أسقط الله الجناح عنها إن فطماه عن تراض منهما وتشاور، وأي الأوقات الذي عناه الله تعالى ذكره بقوله: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فقال بعضهم: عنى بذلك: فإن أرادا فصالا في الحولين عن تراض منهما وتشاور، فلا جناح عليهما. ذكر من قال ذلك:
3978 - حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: فإن أرادا