عن سفيان في قوله: إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف قال: إذا سلمتم إلى هذه التي تستأجرون أجرها بالمعروف، يعني إلى من استرضع للمولود إذا أبت الأم رضاعه.
وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك قول من قال تأويله: وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم إلى تمام رضاعهن، ولم تتفقوا أنتم ووالدتهم على فصالهم، ولم تروا ذلك من صلاحهم، فلا جناح عليكم أن تسترضعوهم ظؤرة إن امتنعت أمهاتهم من رضاعهم لعلة بهن أو لغير علة إذا سلمتم إلى أمهاتهم وإلى المسترضعة الآخرة حقوقهن التي آتيتموهن بالمعروف. يعني بذلك المعنى الذي أوجبه الله لهن عليكم، وهو أن يوفيهن أجورهن على ما فارقهن عليه ف حال الاسترضاع ووقت عقد الإجارة. وهذا هو المعنى الذي قاله ابن جريج، ووافقه على بعضه مجاهد والسدي ومن قال بقولهم في ذلك.
وإنما قضينا لهذا التأويل أنه أولى بتأويل الآية من غيره، لان الله تعالى ذكره ذكر قبل قوله: وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم أمر فصالهم، وبين الحكم في فطامهم قبل تمام الحولين الكاملين، فقال: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما في الحولين الكاملين، فلا جناح عليها. فالذي هو أولى بحكم الآية، إذ كان قد بين فيها وجه الفصال قبل الحولين أن يكون الذي يتلو ذلك حكم ترك الفصال وإتمام الرضاع إلى غاية نهايته، وأن يكون إذ كان قد بين حكم الأم إذا هي اختارت الرضاع بما يرضع به غيرها من الأجرة، أن يكون الذي يتلو ذلك من الحكم بيان حكمها وحكم الولد إذا هي امتنعت من رضاعه كما كان ذلك كذلك في غير هذا الموضع من كتاب الله تعالى، وذلك في قوله: فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى، فأتبع ذكر بيان رضا الوالدات برضاع أولادهن، ذكر بيان امتناعهن من رضاعهن، فكذلك ذلك في قوله: وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم. وإنما اخترنا في قوله: إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف ما اخترنا من التأويل لان الله تعالى ذكره فرض على أبي المولود تسليم حق والدته إليها مما آتاها من الأجرة على رضاعها له بعد بينونتها منه، كما فرض عليه ذلك لمن استأجره لذلك ممن ليس من مولده بسبيل وأمره بإيتاء كل واحدة منهما حقها بالمعروف على رضاع ولده فلم يكن قوله: إذا سلمتم بأن يكون معنيا به إذا سلمتم إلى أمهات أولادكم الذين