كما أن الجدير بالملاحظة في قوله " أحسن عملا " هو التأكيد على جانب (حسن العمل)، ولم تؤكد الآية على كثرته، وهذا دليل على أن الإسلام يعير اهتماما (للكيفية) لا (للكمية)، فالمهم أن يكون العمل خالصا لوجهه الكريم، ونافعا للجميع حتى ولو كان محدود الكمية.
لذا ورد في تفسير (أحسن عملا)، روايات عدة، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
" أتمكم عقلا، أشدكم لله خوفا، وأحسنكم فيما أمر الله به، ونهى عنه نظرا، وإن كان أقلكم تطوعا " (1).
حيث أن العقل الكامل يطهر العمل، ويجعل النية أكثر خلوصا لله عز وجل ويضاعف الأجر.
وجاء في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال حول تفسير (أحسن عملا):
" ليس يعني أكثر عملا، ولكن أصوبكم عملا، وإنا الإصابة خشية الله والنية الصادقة. ثم قال: الإبقاء على العمل حتى يخلص، أشد من العمل، والعمل الخالص هو الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل " (2).
وتحدثنا في تفسير الآية: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (3)، وقلنا: أن الهدف من خلق الإنسان في تلك الآية هو العبودية لله عز وجل، وهنا نجد الهدف: (اختباره بحسن العمل). ومما لا شك فيه أن مسألة الاختبار والإمتحان لا تنفك عن مسألة العبودية لله سبحانه، كما أن لكمال العقل والخوف من الله تعالى والنية الخالصة لوجهه الكريم - والتي أشير لها في الروايات أعلاه، أثرا في تكامل روح العبودية.
ومن هنا نعلم أن العالم ميدان الامتحان الكبير لجميع البشر، ووسيلة هذا