الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا من أخس الناس وأكثرهم كذبا وانحطاطا وخسة، فهم يتتبعون عيوب الآخرين، نمامون، معتدون، آثمون، ليس لهم أصل ونسب، وفي الحقيقة أننا لا نتوقع أن يقف بوجه النور الرسالي إلا أمثال هؤلاء الأشرار.
ويحذر سبحانه في الآية اللاحقة من الاستجابة لهم والتعامل معهم بسبب كثرة أموالهم وأولادهم: بقوله: أن كان ذا مال وبنين.
ومما لا شك فيه أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن ليستسلم لهؤلاء أبدا، وهذه الآيات ما هي إلا تأكيد على هذا المعنى، كي يكون خطه الرسالي وطريقته العملية واضحة للجميع، ولن تنفع جميع الإغراءات المادية في عدوله عن مهمته الرسالية.
وبناء على هذا فإن الجملة أعلاه تأتي تكملة للآية الكريمة: ولا تطع كل حلاف مهين.
إلا أن البعض اعتبر ذلك بيانا وعلة لظهور هذه الصفات السلبية، حيث الغرور الناشئ من الثروة وكثرة الأولاد جرهم ودفعهم إلى مثل هذه الرذائل الأخلاقية.
ولهذا يمكن ملاحظة هذه الصفات في الكثير من الأغنياء والمقتدرين غير المؤمنين. إلا أن لحن الآيات يتناسب مع التفسير الأول أكثر، ولهذا اختاره أغلب المفسرين.
وتوضح الآية اللاحقة ردود فعل هؤلاء الأشخاص ذوي الصفات الأخلاقية المريضة إزاء الآيات الإلهية، حيث يقول تعالى: إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين.
وبهذا المنطق السقيم والحجج الواهية يعرض عن آيات الله عز وجل، فيضل ويغوى ويدعو الآخرين للغي والضلال، ولهذا يجب عدم الاستجابة لهؤلاء وعدم السماع لهم في مثل هذه الأمور، والإعراض عنهم وعدم طاعتهم، وهذا تأكيد للنهي عن طاعتهم الذي تعرضت إليه الآيات السابقة.
وتوضح لنا آخر آية - من هذه الآيات - مفردة من مفردات الجزاء الذي سيلاقيه أمثال هؤلاء فيضيف سبحانه: سنسمه على الخرطوم.