ومن أجل أن لا يؤدي ذلك إلى الخشونة في معاملة الأهل، نجد القرآن يوازن ذلك بقوله في ذيل نفس الآية: وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم فإذا ندموا واعتذروا والتحقوا بكم فلا تتعرضوا لهم بعد ذلك، واعفوا عنهم واصفحوا كما تحبون أن يعفوا الله عنكم.
جاء في حديث الإفك أن بعض المؤمنين أقسموا أن يقاطعوا أقرباءهم الذين ساهموا في بث تلك الشائعة الخبيثة وترويجها، وأن يمنعوا عنهم أي عون مالي، فنزلت الآية 22 من تلك السورة: ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا اولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا ويصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم.
وكما يظهر من المعنى اللغوي فإن لغفران الذنب مستويات ثلاثة هي (العفو) بمعنى صرف النظر عن العقوبة، و (الصفح) في مرتبة أعلى، ويراد به ترك أي توبيخ ولوم، و (الغفران) الذي يعني ستر الذنب وتناسبه، وبهذا فان الآية في نفس الوقت الذي تدعو الإنسان إلى الحزم وعدم التسليم في مقابل الزوجة والأولاد فيما لو دعوه إلى سلوك خاطئ تدعوه كذلك إلى بذل العفو والمحبة في جميع المراحل وكل ذلك من أساليب التربية السليمة وتعميق جذور التدين والإيمان في العائلة.
وتشير الآية اللاحقة إلى أصل كلي آخر حول الأموال والأولاد، حيث تقول:
إنما أموالكم وأولادكم فتنة فإذا تجاوزتم ذلك كله فإن الله عنده أجر عظيم.
وقد تقدم في الآية السابقة الكلام عن عداء بعض الأزواج والأولاد الذين يدعون الإنسان إلى الانحراف وسلوك طريق الشيطان والمعصية والكفر، وفي هذه الآية نجد الكلام عن أن جميع الأموال والأولاد عبارة عن " فتنة "، وفي الحقيقة فان الله يبتلي الإنسان دائما من أجل تربيته، وهذين الأمرين (الأموال