قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (1).
كما يجب أن نوثق علاقتنا بالسلسلة المرتبطة بالخط الإلهي ونوحد صفوفنا، ونجند قوانا ونخلص نياتنا، ونكون مطمئنين بأن كلما كان العدو قويا، وكنا قليلي العدة والعدد.. فإننا سننتصر بالجهاد والسعي والتوكل على الله تعالى.
وذكر بعض المفسرين أن سبب نزول الآية أعلاه أن قسما من المسلمين تنبأوا أن الله سيفتح لهم أرض الروم وفارس، بعد ما شاهدوا بعض قرى الحجاز، إلا أن المنافقين والمرجفين قالوا لهم: أتتصورون أن فارس والروم كقرى الحجاز، وأن بإمكانهم فتحها، عند ذلك نزلت الآية أعلاه ووعدتهم بالنصر.
آخر آية مورد البحث - والتي هي آخر آية من سورة المجادلة - تعد من أقوى الآيات القرآنية التي تحذر المؤمنين من إمكانية الجمع بين حب الله وحب أعدائه، إذ لابد من اختيار طريق واحد لا غير، وإذا ما كانوا حقا مؤمنين صادقين فعليهم اجتناب حب أعداء الله، يقول تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخرين يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم.
نعم، لا يجتمع حبان متضادان في قلب واحد، والذين يدعون إمكانية الجمع بين الاثنين، فإنهم إما ضعفاء الإيمان أو منافقون، ولذلك نلاحظ في الغزوات الإسلامية أن جمعا من أقرباء المسلمين كانوا في صف المخالفين والأعداء، ومع ذلك قاتلهم المسلمون حتى قتلوا قسما منهم.
إن حب الآباء والأبناء والاخوان والعشيرة شئ ممدوح، ودليل على عمق العواطف الإنسانية، إلا أن هذه المحبة حينما تكون بعيدة عن حب الله فإنها ستفقد خاصيتها.