وعلى كل حال، إذا تباعد بعض الناس عن خط الإسلام والمسلمين وكانت تربطهم علاقات إيجابية مع المسلمين، ففي مثل هذه الحالة لا ينبغي اليأس، لأن الله تعالى قادر على كل شئ، ويستطيع تغيير ما في قلوبهم، فهو الذي يغفر الذنوب والخطايا لعباده، حيث يضيف تعالى في نهاية الآية: والله قدير والله غفور رحيم.
كلمة (عسى) تستعمل عادة في الموارد التي يؤمل فيها أن يتحقق شئ ما، وبما أن هذا المعنى يستعمل أحيانا توأما مع (الجهل) أو (العجز) فإن كثيرا من المفسرين فسروها بمعنى رجاء الآخرين من الله وليس العكس، إلا أننا لا نرى تعارضا في أن يكون لهذا المصطلح المعنى الأصلي، وذلك لأن الوصول إلى هدف معين لابد له في أحيان كثيرة من وجود الشروط المناسبة، وإذا لم تستكمل هذه الشروط فإن هذه الكلمة تستعمل في مثل هذه الموارد.
وتبين الآيات اللاحقة شارحة وموضحة طبيعة علاقة المودة مع المشركين، حيث يقول سبحانه: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون.
وبهذه الصورة يقسم القرآن الكريم " المشركين " إلى فئتين:
فئة: عارضوا المسلمين ووقفوا بوجوههم وشهروا عليهم السلاح وأخرجوهم من بيوتهم وديارهم كرها، وأظهروا عداءهم للإسلام والمسلمين في القول والعمل .. وموقف المسلمين إزاء هذه المجموعة هو الامتناع عن إقامة كل لون من ألوان علاقة المحبة وصلة الولاء معهم.