وفي آخر آية مورد البحث نلاحظ توضيحا وتفسيرا لما جاء في الآيات السابقة، والذي يوضح حقيقة الإنسان المختال الفخور حيث يقول عنه تعالى:
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل (1).
نعم، إن الانشداد العميق لزخارف الدنيا ينتج التكبر والغرور، ولازم التكبر والغرور هو البخل ودعوة الآخرين للبخل. أما البخل فلأن التكبر والغرور كثيرا ما يكون بسبب ثراء الإنسان الذي يدفعه إلى أن يحرص عليه، وبالتالي يبخل في إنفاقه، ومن هنا فإن لازمة الغرور والتكبر هو البخل.
أما دعوة الآخرين إلى البخل، فلأن سخاء الآخرين سيفضح غيرهم من البخلاء، هذا أولا، والثاني أن البخيل يحب البخل، لذا فإنه يدعو للشئ الذي يرغب فيه.
ولكي لا يتصور أن تأكيد الله سبحانه على الإنفاق وترك البخل، أو كما عبرت عنه الآيات السابقة ب القرض لله مصدره احتياج ذاته المقدسة، فإنه يقول في نهاية الآية: ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد.
بل نحن كلنا محتاجون إليه وهو الغني عنا جميعا، لأن جميع خزائن الوجود عنده وتحت قبضته، ولأنه جامع لصفات الكمال فإنه يستحق كل شكر وثناء.
وبالرغم من أن الآية أعلاه تتحدث عن البخل المالي. إلا أنه لا ينحصر عليه، لأن مفهوم البخل واسع يستوعب في دائرته البخل في العلم وأداء الحقوق وما إلى ذلك أيضا.
* * *