وبناء على ذلك تشير الآية أولا إلى " المالكية والحاكمية المطلقة "، ثم " تنزهه من أي نوع من الظلم والنقص " وذلك لارتباط اسم الملوك بأنواع المظالم والمآسي، فجاءت كلمة " قدوس " لتنفي كل ذلك عنه جل شأنه.
ومن جانب آخر فالآية تركز على ركنين أساسيين من أركان الحكومة هما " القدرة " و " العلم " وسنرى أن هذه الصفات ترتبط بشكل مباشر بالأبحاث القادمة لهذه السورة.
ونشير هنا إلى أن ذكر صفات الحق تعالى في الآيات القرآنية المختلفة جاءت ضمن نظام وترتيب وحساب خاص.
وكنا قد تعرضنا سابقا لتسبيح كافة المخلوقات.
وبعد هذه الإشارة الخاطفة ذات المعنى العظيم لمسألة التوحيد وصفات الله، يتحدث القرآن عن بعثة الرسول والهدف من هذه الرسالة العظيمة المرتبطة بالعزيز الحكيم القدوس. حيث يقول: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته.
وذلك من أجل أن يطهرهم من كل أشكال الشرك والكفر والانحراف والفساد ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
ومن الملفت للنظر أن بعثة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الخصوصيات التي لا يمكن تفسيرها إلا عن طريق الإعجاز، تعتبر هي الأخرى إشارة إلى عظمته عز وجل ودليل على وجوده إذ يقول: هو الذي بعث في الأميين رسولا... وأبدع هذا الموجود العظيم بين أولئك الأميين..
" الأميين " جمع (أمي) وهو الذي لا يعرف القراءة والكتابة (ونسبته إلى الام باعتبار أنه لم يتلق تعليما في معهد أو مدرسة غير مدرسة الام).
وقال البعض: إن المقصود بها أهل مكة، لأن مكة كانت تسمى (بام القرى)،