المعرفة.
ولقد وردت في المصادر الإسلامية روايات كثيرة في هذا الصدد، بشكل لا يمكن إحصاؤه، والطريف أن كتاب الكافي المعروف، والذي هو أكثر الكتب اعتبارا في مجال الحديث يحتوي على (أبواب) أو (كتب) أولها كتاب باسم كتاب (العقل والجهل) وكل من يلاحظ الروايات التي وردت بهذا الخصوص يدرك عمق النظرة الإسلامية إلى هذه المسألة.
ونحن هنا نقتطف منها روايتين:
جاء في حديث عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: " هبط جبرائيل على آدم، فقال:
يا آدم، إني امرت أن أخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنين، فقال له آدم:
يا جبرائيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم إني قد اخترت العقل، فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه. فقالا: يا جبرئيل، إنا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج) (1).
وهذا من أجمل ما يمكن أن يقال في العقل، وطبيعة علاقته مع الحياء والدين، إذ أن العقل إذا ما انفصل عن الدين فإن الدين سيكون في مهب الرياح ويتعرض إلى الانحراف بسبب الأهواء وفقدان الموازن الموضوعية الأساسية.
أما " الحياء " الذي هو المانع والرادع للإنسان عن ارتكاب القبائح والذنوب، فهو الآخر من ثمار شجرة العقل والمعرفة.
وهكذا نرى أن آدم (عليه السلام) كان يتمتع بدرجة عالية من العقل، حيث أنه (عليه السلام) اختار العقل مما خير به من الأمور الثلاث، وبذلك اصطحب الدين والحياء أيضا.
ونقرأ في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " من كان عاقلا كان له دين ومن كان له دين دخل الجنة " (2).