لتحويل مسؤولية البؤس والدمار على الآخرين.
ويحتمل أن يكون شعور كل منهم - أو غالبيتهم - بالأدوار المحدودة لهم فيما حصل، هو الذي دفع كلا منهم للتخلي عن مسؤولية ما حصل، وذلك كأن يقترح شخص شيئا، ويؤيده الآخر في هذا الاقتراح، ويتبنى ثالث هذا العمل، ويظهر الرابع رضاه بسكوته.. ومن الواضح في مثل هذه الأحوال مساهمة الجميع في هذه الجريمة ومشاركتهم في الذنب.
ثم يضيف تعالى: قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين.
لقد اعترفوا في المرحلة السابقة بالظلم، وهنا اعترفوا بالطغيان، والطغيان مرحلة أعلى من الظلم، لأن الظالم يمكن أن يستجيب لأصل القانون إلا أن غلبة هواه عليه يدفعه إلى الظلم، أما الطاغي فإنه يرفض القانون ويعلن تمرده عليه ولا يعترف برسميته.
ويحتمل أن يكون المقصود بالظلم هو: (ظلم النفس)، والمقصود بالطغيان هو (التجاوز على حقوق الآخرين).
ومما يجدر ملاحظته أن العرب تستعمل كلمة (ويس) عندما يواجهون مكروها ويعبرون عن انزعاجهم منه، كما أنهم يستعملون كلمة (ويح) أحيانا، وأحيانا أخرى (ويل) وعادة يكون استعمال الكلمة الأولى في المصيبة البسيطة، والثانية للأشد، والثالثة للمصيبة الكبيرة، واستعمال كلمة (الويل) من قبل أصحاب البستان يكشف عن أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم مستحقين لأشد حالات التوبيخ.
وأخيرا - بعد عودة الوعي إلى ضمائرهم وشعورهم. بل واعترافهم بالذنب والإنابة إلى الله - توجهوا إلى البارئ عز وجل داعين، وقالوا: عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون (1) فقد توجهنا إليه ونريد منه انقاذنا مما