والتي هي بين المرتبتين (ثلاثة وخمسة)، وبالرغم من أن كل ذلك جاء من باب المثال، إلا أن بعض المفسرين ذكروا له وجوها مختلفة، وأنسبها أن المقصود بذلك رعاية الفصاحة في الكلام وعدم التكرار، لأنه إذا قال تعالى (كل ثلاثة أشخاص يتناجون فإن الله رابعهم، وكل أربعة أشخاص يتناجون فإن الله خامسهم) فإن العدد (أربعة) يتكرر هنا، وهذا بعيد عن البلاغة. وقال البعض: إن هذه الآيات نزلت حول مجموعة من المنافقين الذين كان عددهم نفس العدد المذكور.
4 - المقصود من أن " الله " رابعهم أو سادسهم هو أن الله عز وجل موجود حاضر وناظر في كل مكان وعالم بكل شئ، وإلا فإن ذاته المقدسة لامكان لها، ولا يوصف بالعدد أبدا، ووحدانيته أيضا ليست وحدة عددية، بل بمعنى أنه لا شبيه له، ولا نظير ولا مثيل.
5 - وجدير بالذكر أن الحديث في ذيل الآية يتجاوز النجوى، حيث تؤكد الآية أن الله مع الإنسان في كل مكان، وسوف يطلع الإنسان على أعماله يوم القيامة.. وتنتهي الآية بالإحاطة العلمية لله سبحانه، كما ابتدأت بالإحاطة العلمية بالنسبة لكل شئ.
6 - نقل بعض المفسرين أن سبب نزول الآية، ما ورد عن ابن عباس أنه قال:
إن الآية نزلت حول ثلاثة أشخاص، هم (ربيعة وحبيب وصفوان) كانوا يتحدثون مع بعضهم، وقال أحدهم للآخر: هل يعلم الله ما نقول؟ قال الثاني: قسم يعلمه وقسم لا يعلمه. وقال الثالث: إذا كان يعلم قسما منه فإنه يعلم جميعه، فنزلت الآية وأعلنت أن الله تعالى حاضر في كل نجوى وفي كل مكان في الأرض وفي السماء، كي يتضح خطأ الغافلين عمي القلوب (1).
* * *