وحول أم المسيح السيدة مريم (عليه السلام) نقرأ قوله تعالى: وامه صديقة (1).
كما جاء ذكر (الصديقين) على مستوى الأنبياء أو من معهم في بعض الآيات القرآنية، كما في قوله تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (2) وكما قلنا فإن هذا المصطلح صيغة مبالغة من مادة (صدق) تقال للشخص الذي يحيط الصدق كل وجوده، وينعكس الصدق في أفكاره وأقواله وأعماله وكل حياته، وهذا يعكس لنا أهمية مقام الصدق.
أما (الشهداء) فكما قلنا يمكن أن يقصد بهم الشهداء على الأعمال أو بمعنى الشهداء في سبيل الله، وفي الآية مورد البحث يمكن الجمع بين الرأيين.
ومن الطبيعي أن " الشهيد " في الفكر الإسلامي لا ينحصر بالشخص الذي يقتل في ميدان الجهاد، بالرغم من أنه أوضح مصداق لمفهوم الشهيد، بل ينطبق على كل الأشخاص الذين يؤمنون بالعقيدة الإلهية ويسيرون في طريق الحق حتى رحيلهم من الدنيا، وذلك تماشيا مع الروايات الإسلامية فإنها تعد هؤلاء في زمرة الشهداء.
جاء في حديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " العارف منكم هذا الأمر المنتظر له المحتسب فيه الخير، كمن جاهد والله مع قائم آل محمد بسيفه. ثم قال:
بل والله كمن جاهد مع رسول بسيفه. ثم قال الثالثة: بل والله كمن استشهد مع رسول الله في فسطاطه، وفيكم آية من كتاب الله، قلت: وأي آية جعلت فداك؟
قال: قول الله عز وجل: والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم... ثم قال: " صرتم والله صادقين شهداء عند ربكم " (3).