2 بحثان 3 1 - الجيوش الإلهية اللا مرئية:
في الوقت الذي تعتبر القوى المادية أكبر سلاح لتحقيق الانتصار من وجهة نظر الماديين، فإن اعتماد المؤمنين يتمركز حول محورين (القيم المعنوية والإمكانات المادية) والذي قرأنا نموذجا منه في قصة اندحار بني النضير كما بينت ذلك الآيات السابقة.
ونقرأ في هذه الآية أحد العوامل المؤثرة في هذا الانتصار حيث ألقى الله سبحانه الرعب في قلوب اليهود، بحيث أخذوا يخربون بيوتهم بأيديهم، وتخلوا عن ديارهم وأموالهم مقابل السماح لهم بالخروج من المدينة.
وقد ورد هذا المعنى بصورة متكررة في القرآن الكريم، منها ما ورد في قصة أخرى حول قسم آخر من اليهود وهم (بنو قريظة). حيث اشتبكوا اشتباكا شديدا مع المسلمين بعد غزوة الأحزاب، وفي هذا المعنى يقول سبحانه: وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا.
وجاء هذا المعنى في غزوة بدر حيث يقول تعالى: سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب.
وبعض هذا الخوف الذي هو عبارة عن جيش إلهي غير مرئي يكاد يكون أمرا طبيعيا، ولكن بعضه يمثل سرا من الأسرار غير الواضحة لنا، أما الطبيعي منه فان المؤمنين يرون أنفسهم منتصرين سواء قتل أو تغلب على العدو. والشخص الذي يؤمن بهذا الاعتقاد لا يجد الخوف طريقا إليه، ومثل هذا الإنسان سيكون أعجوبة في صموده وثباته كما يكون - أيضا - مصدر خوف وقلق لأعدائه، والذي نلاحظه في عالم اليوم أن بلدانا عديدة تملك قدرات هائلة من الإمكانات