من عذاب أليم.
بالرغم من أن الإيمان والجهاد من الواجبات المفروضة، إلا أن الآيات هنا لم تطرحها بصيغة الأمر. بل قدمتها بعرض تجاري مقترن بتعابير تحكي اللطف اللامتناهي للبارئ عز وجل، ومما لا شك فيه فإن (النجاة من العذاب الأليم) من أهم أمنيات كل إنسان.
ولذا فإن السؤال المثار هو: هل تريدون من يدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم؟ وهو سؤال مثير لانتباه الجميع، وقد بادر في نفس الوقت وبدون انتظار للإجابة متحدثا عن هذه التجارة المتعددة المنافع، حيث يضيف تعالى:
تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم (1).
ومما لا شك فيه أن الله سبحانه غني عن هذه التجارة النافعة وأن جميع منافعها تعود على المؤمنين، لذا يقول في نهاية الآية: ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون.
والجدير بالملاحظة هنا أن المخاطب هم المؤمنون بقرينة قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا لكنه في الوقت نفسه يدعوهم إلى الإيمان والجهاد.
وربما كان هذا التعبير إشارة إلى أن الإيمان يلزم أن يكون عميقا وخالصا لله سبحانه، حتى يستطيع أن يكون منبعا لكل خير، وحافزا للإيثار والتضحية والجهاد، وبذا لا يعتد بالإيمان الاسمي السطحي.
أو أن التأكيد على الإيمان بالله ورسوله هنا، هو شرح لمفهوم الإيمان الذي عرض بصورة إجمالية في بداية الآية السابقة.
وعلى كل حال فإن الإيمان بالرسول لا ينفصل عن الإيمان بالله تعالى، كما أن الجهاد بالنفس لا ينفصل عن الجهاد بالمال، ذلك أن جميع الحروب تستلزم