كل جهة، في قوله تعالى: ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب.
والشئ الجدير بالملاحظة أن بداية الآية الكريمة طرحت مسألة العداء لله ورسوله، إلا أن الحديث في ذيل الآية اقتصر عن العداء لله سبحانه فقط، وهو إشارة إلى أن العداء لرسول الله هو عداء لله أيضا.
والتعبير ب شديد العقاب لا يتنافى مع كون الله " أرحم الراحمين " لأنه في موضع العفو والرحمة فالله أرحم الراحمين، وفي موضع العقاب والعذاب فإن الله هو أشد المعاقبين، كما جاء ذلك في الدعاء: " وأيقنت أنك أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة " (1).
وفي الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث نلاحظ جوابا على اعتراض يهود بني النضير على قطع المسلمين لنخيلهم - كما ورد في شأن النزول - بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتهيئة ظروف أفضل لقتال بني النضير أو لزيادة حزنهم وألمهم، فيضطروا للنزول من قلاعهم ومنازلة المسلمين خارج القلعة.. وقد أثار هذا العمل غضب اليهود وحنقهم، فقالوا: يا محمد، ألم تكن الناهي عن مثل هذه الأعمال؟
فنزلت الآية الكريمة مبينة لهم أن ذلك من أمر الله سبحانه حيث يقول البارئ:
وما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله (2) وليخري الفاسقين.
" لينة " من مادة (لون) تقال لنوع جيد من النخل، وقال آخرون: إنها من مادة (لين) بمعنى الليونة التي تطلق على نوع من النخل، والتي لها أغصان لينة قريبة من الأرض وثمارها لينة ولذيذة.
وتفسر (لينة) أحيانا بألوان وأنواع مختلفة من شجر النخيل، أو النخل الكريم،