والعطاء، وتدبير الأمور، والرفق والمداراة، وتحمل الصعاب في مسير الدعوة الإلهية، والعفو عن المتجاوزين، والجهاد في سبيل الله، وترك الحسد والبغض والغل والحرص..، وبالرغم من أن جميع هذه الصفات كانت متجسدة في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن الخلق العظيم له لم ينحصر بهذه الأمور فحسب، بل أشمل منها جميعا.
وفسر الخلق العظيم أيضا ب (القرآن الكريم) أو (مبدأ الإسلام) ومن الممكن أن تكون الموارد السابقة من مصاديق المفهوم الواسع للآية أعلاه.
وعلى كل حال فإن تأصل هذا (الخلق العظيم) في شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو دليل واضح على رجاحة العقل وغزارة العلم له ونفي جميع التهم التي تنسب من قبل الأعداء إليه.
ثم يضيف سبحانه بقوله: فستبصر ويبصرون.
بأيكم المفتون أي من منكم هو المجنون (1).
" مفتون ": اسم مفعول من (الفتنة) بمعنى الابتلاء، وورد هنا بقصد الابتلاء بالجنون.
نعم، إنهم ينسبون هذه النسب القبيحة إليك ليبعدوا الناس عنك، إلا أن للناس عقلا وإدراكا، يقيمون به التعاليم التي يتلقونها منك، ثم يؤمنون بها ويتعلمونها تدريجيا، وعندئذ تتضح الحقائق أمامهم، وهي أن هذه التعاليم العظيمة مصدرها البارئ عز وجل، أنزلها على قلبك الطاهر بالإضافة إلى ما منحك من نصيب عظيم في العقل والعلم.
كما أن مواقفك وتحركاتك المستقبلية المقرونة بالتقدم السريع لانتشار الإسلام، ستؤكد بصورة أعمق أنك منبع العلم والعقل الكبيرين، وأن هؤلاء الأقزام