الصالحة هو الإيمان ومعرفة الله وتسبيحه وتنزيهه.
وقد فسر البعض " التسبيح " هنا بمعنى (شكر النعمة) والتي من ملازماتها إعانة المحرومين، وهذان التفسيران لا يتنافيان مع بعضهما البعض، وهما مجموعان في مفهوم الآية الكريمة.
لقد سبق تسبيحهم (الاعتراف بالذنب)، ولعل هذا كان لرغبتهم في تنزيه الله تعالى عن كل ظلم بعيدا عما نزل بجنتهم من دمار وبلاء عظيم، وكأن لسان حالهم يقول: ربنا إننا كنا نحن الظالمين لأنفسنا وللآخرين، ولذا حق علينا مثل هذا العذاب، وما أصابنا منك هو العدل والحكمة.
كما يلاحظ في قسم آخر من آيات القرآن الكريم - أيضا - أن التسبيح قبل الإقرار بالظلم، حيث نقرأ ذلك في قصة يونس (عليه السلام) عندما أصبح في بطن الحوت، وذلك قوله: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (1).
والظلم بالنسبة لهذا النبي العظيم هو بمعنى ترك الأولى، كما أوضحنا ذلك في تفسير هذه الآية.
إلا أن المسألة لم تنته إلى هذا الحد، حيث يقول تعالى: فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون.
والملاحظ من منطوق الآية أن كل واحد منهم في الوقت الذي يعترف بذنبه، فإنه يلقي بأصل الذنب على عاتق الآخر، ويوبخه بشدة، وأنه كان السبب الأساس فيما وصلوا إليه من نتيجة بائسة مؤلمة، وكل منهم - أيضا - يؤكد أنه لم يكن غريبا عن الله والعدالة إلى هذا الحد.
نعم، هكذا تكون عاقبة كل الظالمين عندما يصبحون في قبضة العذاب الإلهي.
ومع الإقرار بالذنب فإن كلا منهم يحاول التنصل مما لحق بهم، ويسعى جاهدا