يعرف كل شئ. ولكي يعلم الإنسان السبب في صعوبة الجزاء الإلهي.
ولتأكيد حضور الله سبحانه في كل مكان وعلمه بكل شئ ينتقل الحديث إلى مسألة " النجوى " حيث يقول سبحانه: ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات.
بالرغم من أن المخاطب في هذه الآية هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن المقصود هو عموم الناس (1)، ومقدمة لبيان مسألة النجوى.
ثم يضيف تعالى: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم (2).
نلاحظ هنا عدة نقاط تستحق الانتباه:
1 - " النجوى " و " النجاة " في الأصل بمعنى المكان المرتفع الذي انفصل عن أطرافه وجوانبه بسبب ارتفاعه، ولأن الإنسان إذا أراد التكتم على حديثه يعتزل في مكان بعيد عن الآخرين، أو بلحاظ أن المتحدث بالنجوى يريد أن ينجي أسراره من الكشف ويبعدها عن تناول أسماع الآخرين.
2 - يرى البعض أن " النجوى " يجب أن تكون بين ثلاثة أشخاص أو أكثر، وإذا كانت بين شخصين فيقال لها (سرار) على وزن (ستار) إلا أن هذا خلاف ظاهر الآية، لأن الجملة: ولا أدنى من ذلك تشير إلى أقل من ثلاثة أشخاص - أي شخصين - ومن الطبيعي أنه إذا تناجى شخصان فلابد من أن يكون شخص ثالث قريب منهما، وإلا فلا ضرورة للنجوى. إلا أن ذلك لا يرتبط بما ذكرنا.
3 - والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا هي أن الآية أعلاه تحدثت في البداية عن نجوى ثلاثة، ومن ثم عن نجوى خمسة، ولم يرد الكلام عن نجوى أربعة أشخاص